كيف تكتب قسم المناقشة في البحث العلمي؟
مقدمة:
إن قسم المناقشة هو المكان الذي يتعمق فيه الباحث في معنى وأهمية وملاءمة النتائج، ويركز على شرح وتقييم تلك النتائج، وإظهار مدى ارتباطها بالدراسات السابقة، وتناغمها مع أقسام الدراسة الأخرى، كما أن قسم المناقشة يمنح الباحث فرصة ثمينة لتقديم الأدلة التي ستدعم فرضياته واستنتاجاته وتعززها.
وبشكل عام يجب أن يركز قسم مناقشة النتائج على العناصر الرئيسية التالية:
- التفسيرات: ماذا تعني النتائج؟
- الآثار المحتملة (التداعيات): لماذا النتائج مهمة؟
- القيود: ما الذي لا يمكن أن تخبرنا به النتائج؟ ولماذا؟
- التوصيات والمقترحات: ما هي الإجراءات العلمية التي ينبغي تطبيقها بناءً على النتائج؟
غالباً ما يكون هناك تداخل بين قسم المناقشة وقسم التوصيات والمقترحات، وفي بعض الدراسات يتم تضمين هذين القسمين في قسم واحد، لذلك إذا لم تكن متأكداً من التنسيق الأمثل لدراستك قم بمراجعة عينة من الأبحاث العلمية في مجالك، أو استشر المشرف الأكاديمي.
خطوات كتابة قسم المناقشة:
هناك بعض الخطوات الفعالة لكتابة قسم المناقشة بكفاءة، نذكر هنا أهم تلك الخطوات، وهي:
أولاً: تلخيص النتائج الرئيسية التي كشفت عنها الدراسة.
ابدأ بذكر مشكلة البحث بطريقة أخرى مع شرح مختصر عنها، ثم لخص بإيجاز النتائج الرئيسية التي كشفت عنها دراستك، وهنا يجب التأكيد على ضرورة اختصار النتائج وعدم تكرار أي بيانات أو رسومات بيانية أو أشكال توضيحية في قسم المناقشة، هذا يعني أن عليك إيضاح النتائج التي تجيب عن الأسئلة الرئيسية للدراسة فقط، ومن المستحسن أن يتم إنجاز هذه الخطوة في فقرة واحدة لا أكثر.
أمثلة على تلخيص النتائج:
تشير النتائج إلى أن …
توضح الدراسة وجود علاقة بين …
يدعم هذا التحليل النظرية التي …
تشير البيانات إلى أن …
ثانياً: تقديم تفسيرات واضحة لكل نتيجة.
قد تبدو النتائج واضحة تماماً لك، ولكنها حتماً ليست كذلك بالنسبة للقارئ، لذلك عليك أن تقدم تفسيرات واضحة لكل نتيجة قد توصلت إليها من خلال دراستك، هذه الخطوة تزيد من مصداقية الدراسة وموثوقيتها بالنسبة للقارئ.
في العادة تعتمد التفسيرات التي يقدمها الباحثون على نوع البحث وتصميمه، ولكن تبقى هنالك بعض الأساليب النموذجية لتفسير النتائج، وهي:
- تحديد الارتباطات والأنماط والعلاقات بين البيانات.
- مناقشة ما إذا كانت النتائج تلبي توقعات الباحث أو تدعم فرضياته.
- تحديد موضع النتائج وسياقها في إطار مجال المعرفة الكلي لتخصص الدراسة.
- شرح النتائج غير المتوقعة وتقييم أهميتها.
- النظر في التفسيرات البديلة الممكنة ومناقشتها بحيادية.
- تنظيم قسم المناقشة باتباع نفس هيكل قسم النتائج مع الاستفاضة في الشرح والتفسير.
أمثلة على تقديم التفسيرات:
تماشياً مع الفرضية …
على عكس الارتباط المفترض …
تتعارض النتائج مع نتائج سميث (2007) بأن …
قد تشير النتائج إلى أن X هو التفسير الأكثر منطقية، ومع ذلك، بناءً على نتائج دراسات مماثلة، فإن التفسير الأكثر منطقية هو Y.
ثالثاً: مناقشة الآثار المترتبة على التوصل إلى النتائج (التداعيات).
بالإضافة إلى تقديم التفسيرات، على الباحث أن يتأكد من ربط نتائج دراسته بما هو موجود بالفعل من معارف وخبرات، حيث أن قسم المناقشة يجب أن يبين كيف تتلاءم نتائج الدراسة مع المعرفة الحالية، كما يجب أن يبرز الأفكار الجديدة التي ستضيفها تلك النتائج إلى المعرفة والممارسة، أثناء إنجاز هذه الخطوة عليك أن تسأل نفسك بعض الأسئلة، وهي:
- هل تتفق نتائج دراستي مع نتائج الدراسات الأخرى؟ إذا كان الأمر كذلك، ماذا أضافت دراستي؟
- هل نتائجي مختلفة جداً عن الدراسات الأخرى؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا حدث ذلك؟
- هل نتائج دراستي تدعم أم تتحدى النظريات الموجودة؟
- هل هناك أي آثار عملية ستترتب على النتائج؟
- لماذا على القارئ أن يهتم بالنتائج التي تقدمها دراستي؟
أمثلة على مناقشة الآثار المترتبة على التوصل إلى النتائج:
تستند هذه النتائج إلى الأدلة الموجودة في …
النتائج لا تتناسب مع النظرية القائلة بأن …
توفر التجربة نظرة ثاقبة جديدة للعلاقة بين …
يجب أن تؤخذ هذه النتائج في الاعتبار عند التفكير في كيفية …
تساهم البيانات في فهم أوضح لـ …
بينما ركزت الأبحاث السابقة على X، فإن هذه النتائج توضح أن Y تستحق المزيد من الاهتمام.
رابعاً: الإقرار بقيود البحث العلمي ومناقشتها.
حتى أفضل الأبحاث تتعرض لبعض القيود، والاعتراف بها مهم لإثبات مصداقية النتائج وموثوقيتها، بناءً على ذلك، ما يجب فهمه هو أن قيود الدراسة لا تتعلق بسرد أخطائك، ولكنها تتعلق بتقديم صورة دقيقة لما يمكن وما لا يمكن استنتاجه من دراستك.
قد تنتج القيود بسبب التصميم العام للبحث العلمي، أو الخيارات المتعلقة بالمنهجية المختارة، أو العقبات غير المتوقعة التي ظهرت أثناء عملية البحث، وفي جميع الأحوال يجب أن تذكر فقط القيود ذات الصلة المباشرة بأهداف الدراسة، وتقييم مدى تأثيرها على تحقيق تلك الأهداف.
على سبيل المثال، إذا كان حجم عينتك صغيراً أو مقتصراً على مجموعة محددة من الأشخاص، فهذا يحد من قابلية تعميم النتائج، مما قد ينتج بعض المشاكل عند جمع البيانات وتحليلها، هذه المشاكل تعتبر قيداً من قيود الدراسة عليك أن تقوم بوصفها وشرح تأثيرها على النتائج، وبعد ذكر القيود ومناقشتها، يمكنك إعادة التأكيد على صحة النتائج بغرض الإجابة على أسئلة البحث العلمي.
أمثلة على الإقرار بقيود البحث العلمي ومناقشتها:
إن قابلية تعميم النتائج محددة بـ …
تتأثر موثوقية هذه البيانات بـ …
بسبب نقص البيانات المتاحة، لا يمكن تأكيد النتائج …
كانت الخيارات المتعلقة بالمنهجية المختارة مقيدة بـ …
إن …. خارج نطاق هذه الدراسة…
خامساً: تقديم التوصيات.
هذه الخطوة مرتبطة بهيكلية الدراسة الخاصة بك، فإذا قررت أن تدمج قسم المناقشة مع قسم التوصيات والمقترحات، فيمكنك أن تجري هذه الخطوة في قسم المناقشة، أما في حال أن هيكلية دراستك لا تسمح بذلك الدمج، فيجب تخطي هذه الخطوة، وتنفيذها في القسم المخصص لها.
بناءً على مناقشة النتائج، يمكنك تقديم توصيات للتنفيذ العملي أو إجراء المزيد من الدراسات (مقترحات البحث)، ونذكر هنا أيضاً أنه في بعض الأحيان يتم الاحتفاظ بالتوصيات لإدراجها في خاتمة الدراسة كقسم منفرد.
(لا تذكر فقط أنه يجب إجراء المزيد من الدراسات – عليك أيضاً أن تعطي أفكاراً ملموسة حول كيفية بناء تلك الدراسات المستقبلية التي ستناقش الأفكار والمواضيع التي لم يتمكن بحثك الخاص من معالجتها).
أمثلة على تقديم التوصيات:
توصي الدراسة الحالية بضرورة…
بناءً على ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، يوصي الباحث بـ …
هناك حاجة إلى مزيد من البحث للكشف عن …
يجب أن تأخذ الدراسات المستقبلية في الاعتبار أن …
ما الذي يجب تركه خارج قسم المناقشة؟
هناك بعض الأخطاء الشائعة التي يجب تجنبها عند كتابة قسم المناقشة في دراستك، وهي:
- تقديم نتائج جديدة: يجب عليك فقط مناقشة النتائج التي ذكرتها في قسم النتائج.
- تقديم معلومات وبيانات مبالغ فيها: تجنب الإفراط في التفسير والتكهنات التي لا تدعمها نتائج دراستك.
- ذكر نقاط الضعف في الدراسة: يجب أن يهدف قسم المناقشة إلى تعزيز مصداقيتك، وليس التأكيد على نقاط الضعف أو الإخفاق.
طالع أيضاً: كيف تكتب نتائج الدراسة؟