على الرغم من أن الدراسة الميدانية توصف عمومًا بأنها دراسة نوعية، فإنها غالباً ما تتضمن جوانب متعددة من الدراسة الكمية. في هذا المقال نناقش كيفية إجراء دراسة ميدانية وما هو تعريفها وطرقها: مع 3 أمثلة مهمة.
ما هي الدراسة الميدانية؟
يُعرَّف البحث الميداني أو الدراسة الميدانية بأنها طريقة نوعية لجمع البيانات تهدف إلى مراقبة الأشخاص والتفاعل معهم من أجل فهمهم أثناء تواجدهم في بيئتهم طبيعية.
يبدأ البحث الميداني عادةً في بيئة محددة على الرغم من أن الهدف النهائي للدراسة هو مراقبة وتحليل السلوك المحدد أو الظاهرة المدروسة. ومع ذلك، يشمل البحث الميداني مجموعة متنوعة من أساليب البحث الاجتماعي بما في ذلك الملاحظة المباشرة والمشاركة المحدودة وغيرها.
يصعب تحليل سبب ونتيجة سلوك معين بسبب وجود متغيرات متعددة في البيئة الطبيعية للسلوك لذلك لا يتم الاعتماد على السبب والنتيجة في الدراسات الميدانية، بل على العلاقات الارتباطية.
طرق الدراسة الميدانية
نتعرف هنا على كيفية إجراء الدراسة الميدانية من خلال 5 طرق مميزة، وهي:
أولاً: الملاحظة المباشرة
في هذه الطريقة ، يتم جمع البيانات عبر طريقة الملاحظة في بيئة طبيعية. هنا لا يتدخل الباحث في سلوك أو نتيجة بأي شكل من الأشكال.
تتمثل ميزة الملاحظة المباشرة في أنها توفر بيانات سياقية عن الأشخاص والمواقف والتفاعلات والمناطق المحيطة. إلا أنها قد تمثل معضلة أخلاقية إن تم إجراؤها في بيئة خاصة.
ثانياً: الملاحظة المشاركة (الباحث المشارك)
هنا يشارك الباحث بعمق في عملية البحث ، ليس فقط كمراقب ، ولكن أيضًا كمشارك. يتم إجراء هذه الطريقة أيضًا في بيئة طبيعية ولكن الاختلاف الوحيد هو أن الباحث يشارك في المناقشات ويمكنه تشكيل اتجاه المناقشات.
في هذه الطريقة ، يعيش الباحثون في بيئة مريحة مع المشاركين في البحث ، لجعلهم مرتاحين ومنفتحين على المناقشات المتعمقة.
ثالثاً: الأجناس البشرية (الإثنوغرافيا)
هي ملاحظة موسعة للبحث الاجتماعي والمنظور الاجتماعي والقيم الثقافية لبيئة اجتماعية بأكملها. في الإثنوغرافيا، تتم ملاحظة مجتمعات بأكملها بشكل موضوعي.
على سبيل المثال ، إذا كان الباحث يرغب في فهم كيف تعيش قبائل الأمازون حياتها وتعمل ، فقد يختار أن يراقبهم أو يعيش بينهم ويراقب سلوكهم اليومي بصمت.
رابعاً: المقابلات النوعية
المقابلات النوعية هي أسئلة تُطرح مباشرة على الأشخاص الذين يخضعون للبحث. يمكن أن تكون المقابلات النوعية غير رسمية أو شبه رسمية أو رسمية أو مزيج بين الأنواع الثلاثة. يوفر هذا ثروة من البيانات للباحث.
تساعد المقابلات النوعية أيضًا في جمع البيانات الارتباطية. كما يمكن أن تستخدم مزيجًا من المقابلات الفردية ومجموعات التركيز وتحليل النص.
خامساً: دراسة الحالة
دراسة الحالة هي تحليل متعمق لشخص أو موقف أو حدث. قد يبدو من الصعب العمل من خلال هذه الطريقة ، ومع ذلك ، فهي واحدة من أبسط الطرق لإجراء البحث لأنها تنطوي على الغوص العميق والفهم الشامل لطرق جمع البيانات واستنتاجها.
كيفية إجراء دراسة ميدانية
نظرًا لطبيعة الدراسة الميدانية ، وحجم الجداول الزمنية والتكاليف المتضمنة ، يمكن أن يكون البحث الميداني صعبًا للغاية في التخطيط والتنفيذ والقياس. وهذه بعض الخطوات الأساسية من أجل إجراء دراسة ميدانية:
أولاً: بناء الفريق المناسب
لكي تكون قادرًا فهم كيفية إجراء دراسة ميدانية، من المهم وجود الفريق المناسب. إن دور الباحث وأي من أعضاء الفريق مهم للغاية ، ومن المهم تحديد المهام التي يتعين عليهم القيام بها.
ثانياً: تجنيد الأشخاص للدراسة (اختيار العينة)
يعتمد نجاح الدراسة الميدانية على الأشخاص الذين تجري عليهم الدراسة. باستخدام طرق أخذ العينات من المهم تحديد الأشخاص الذين سيكونون جزءًا من الدراسة.
ثالثاً: منهجية جمع البيانات
كما ذكرنا بالتفصيل أعلاه ، فإن طرق جمع البيانات للبحث الميداني متنوعة. يمكن أن تكون مزيجًا من الاستطلاعات والمقابلات ودراسات الحالة والملاحظة. يجب تحديد كل هذه الطرق وإيضاح معالم كل طريقة أيضاً.
رابعاً: زيارة البيئة التي ستتم دراستها
زيارة البيئة مهمة في فهم كيفية إجراء دراسة ميدانية، ومهمة أيضاً لنجاح البحث الميداني حيث أنها توضح للباحث الأطر النظرية بشكل عملي وواقعي؛ لذا فإن التخطيط لزيارة البيئة لا يقل أهمية عن التخطيط للطرق التي سيتم استخدامها.
خامساً تحليل البيانات
تحليل البيانات التي يتم جمعها مهم للتحقق من صحة فرضية الدراسة الميدانية وتحديد نتائجها.
سادساً: الوصول إلى النتائج
بمجرد تحليل البيانات ، من المهم أن يصل الباحث إلى النتائج المرجوة، من أجل تحديد الخطوة المستقبلية.
سابعاً: ملاحظات الدراسة الميدانية
يعد الاحتفاظ بسجل إثنوغرافي مهمًا جدًا في كيفية إجراء دراسة ميدانية. تشكل الملاحظات الميدانية أحد أهم جوانب السجل الإثنوغرافي. تبدأ عملية الملاحظات الميدانية حين يشارك الباحث في عملية البحث القائمة على الملاحظة.
أنواع الملاحظات أثناء إجراء الدراسة الميدانية
بعد التعرف على كيفية إجراء دراسة ميدانية، نتعرف على الأنواع الأربعة للملاحظات الميدانية هي:
أولاً: ملاحظات الباحث
تحدث هذه الملاحظات أثناء وجود الباحث في بيئة الدراسة. الملاحظات هنا قصيرة وموجزة ويمكن للباحث البناء عليها لاحقًا بشكل مكثف. لا يفضل معظم الباحثين هذه الطريقة بسبب الخوف من الشعور بأن المستفتى قد لا يأخذهم على محمل الجد.
ثانياً: الملاحظات الميدانية المناسبة
يجب توسيع هذه الملاحظات فور الانتهاء من ملاحظة البيئة. يجب أن تكون الملاحظات مفصلة ويجب أن تكون الكلمات أقرب ما يمكن للموضوع قيد الدراسة.
ثالثاً: الملاحظات المنهجية
تحتوي هذه الملاحظات على أفكار حول طرق البحث التي يستخدمها الباحث ، وأي طرق بحث جديدة مقترحة وطريقة مراقبة تقدمها. يمكن الاحتفاظ بالملاحظات المنهجية مع الملاحظات الميدانية أو حفظها بشكل منفصل وفي الحالتين ستجد طريقها إلى التقرير النهائي للدراسة.
رابعاً: التدوين على شكل يوميات
توفر هذه الطريقة نظرة ثاقبة للباحث مما يساعده على عدم الوقوع في مصيدة التحيز والذاتية.
أسباب إجراء الدراسة الميدانية
بعد التعرف على أنواع الملاحظات وكيفية إجراء دراسة ميدانية، نتجه هنا لمعرفة الدوافع لإجراء دراسة ميدانية. بشكل عام ، يستغرق الأمر الكثير من الوقت لإجراء وإكمال دراسة ميدانية.
فلماذا إذن يصر الباحثون على فهم كيفية إجراء دراسة ميدانية، ويجرونها بالفعل؟ تعرف معنا على أهم أربعة أسباب:
أولاً: التغلب على نقص البيانات
إن فهم كيفية إجراء دراسة ميدانية يساعد في التغلب على مشكلة نقص البيانات. في كثير من الأحيان ، توجد بيانات محدودة أو معدومة حول موضوع ما، خاصة في بيئة معينة، فيقوم الباحث بإجراء دراسة ميدانية لأنها لا تتطلب أن يكون لديك الكثير من البيانات من أجل البدء، بل يتم الحصول على البيانات أثناء العمل على الدراسة.
ثانياً: فهم سياق الدراسة
في كثير من الحالات ، تكون البيانات التي تم جمعها كافية ولكن البحث الميداني لا يزال جارياً. يساعد هذا في الحصول على نظرة ثاقبة على ما هو موجود.
ثالثاً: زيادة جودة البيانات
نظرًا لأن طريقة البحث هذه تستخدم أكثر من أداة واحدة لجمع البيانات ، فإن البيانات ذات جودة أعلى. يمكن إجراء الاستدلالات من البيانات التي تم جمعها ويمكن تحليلها إحصائيًا.
رابعاً: جمع البيانات المساعدة
يضع البحث الميداني الباحثين في موقف تفكير واسع يفتح لهم خطوط تفكير جديدة. يمكن أن يساعد ذلك في جمع البيانات التي لم تأخذ الدراسة جمعها في الحسبان.
أمثلة على إجراء دراسة ميدانية
بعض الأمثلة على البحث الميداني:
أولاً: فك رموز المقاييس الاجتماعية في الأحياء الفقيرة
فقط من خلال استخدام أساليب المراقبة والمقابلات المتعمقة التي تتيحها أي دراسة ميدانية، يمكن للباحثين أن يكونوا جزءًا من المجتمع لفهم المقاييس الاجتماعية والتسلسل الهرمي الاجتماعي للأحياء الفقيرة.
يمكن أيضًا من خلال دراسة ميدانية أن نفهم الاستقلال المالي والفروق الدقيقة التشغيلية اليومية للأحياء الفقيرة. يمكن أن يوفر تحليل هذه البيانات نظرة ثاقبة حول مدى اختلاف الأحياء الفقيرة عن المجتمعات المهيكلة.
ثانياً: فهم تأثير الرياضة على نمو الطفل
ربما تستغرق دراسة ميدانية تحقق في تأثير الرياضة على نمو الطفل عدة سنوات، ويمكن أن تكون العينة ضخمة للغاية، ولكن طبيعة البحث الميداني يتيح الفرصة للباحث بأن يستطرد في دراسته مهما احتاج الأمر من وقت وموارد بشرية (عينات).
يوفر تحليل البيانات لهذا البحث نظرة ثاقبة حول كيفية استجابة الأطفال من مختلف المواقع الجغرافية والخلفيات للرياضة وتأثير الرياضة على تطورهم الشامل.
ثالثاً: دراسة أنماط هجرة الحيوانات
على الباحثين إجراء دراسة ميدانية على نطاق واسع لدراسة النباتات والحيوانات، ذلك من أجل مراقبة ودراسة أنماط هجرة الحيوانات مع تغير الفصول. يساعد البحث الميداني في جمع البيانات عبر السنوات ويساعد ذلك في استخلاص استنتاجات حول كيفية تسريع المرور الآمن للحيوانات.
مزايا الدراسة الميدانية
- يتم إجراؤها في بيئة حقيقية وطبيعية حيث لا يوجد تلاعب بالمتغيرات ولا يتم التلاعب بالبيئة.
- نظرًا لأن الدراسة يتم إجراؤها في بيئة طبيعية، يمكن جمع البيانات حتى حول الموضوعات الإضافية ذات الصلة.
- يكتسب الباحث فهمًا عميقًا لموضوعات البحث نظرًا لقربه منها ، وبالتالي فإن البحث واسع وشامل ودقيق.
عيوب الدراسة الميدانية
- من الدراسات باهظة الثمن والتي تستغرق وقتًا طويلاً. -يمكن أن تستغرق سنوات حتى تكتمل-
- من الصعب جدًا على الباحث أن يتجنب التحيز في الدراسة الميدانية.
- يجب أن تكون الملاحظات متسقة تماماً مع فرضيات الباحث.
- إنها طريقة تفسيرية وهذا أمر شخصي ويعتمد كليًا على قدرة الباحث.
- من المستحيل التحكم بالمتغيرات الخارجية وهذا يغير طبيعة البحث باستمرار.
طالع أيضاً: ما هي دراسة الحالة؟: تعريفها وأنواعها وكيفية كتابتها مع 3 أمثلة