الآيات
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11) وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (14) وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17) مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18)
التفسير
11 – قالت لهم رسلهم ردًّا عليهم: لسنا إلا بشرًا مثلكم، فنحن لا ننكر مماثلتكم في ذلك، ولكن لا يلزم من تلك المماثلةِ المماثلةُ في كل شيء، فالله يتفضل بالإنعام الخاص على من يشاء من عباده، فيصطفيهم رسلًا إلى الناس، وما يصح لنا أن نأتيكم بما طلبتم من حجة إلا بمشيئة الله، فليس الإتيان بها في مَقْدُورِنا، بل الله هو القادر على ذلك، وعلى الله وحده يتوكل المؤمنون به في شؤونهم كلها.
12 – وأي مانع وأي عذر يحول بيننا وبين التوكل عليه؟ وقد أرشدنا لأقوم الطرق وأوضحها، ولنصبرنّ على إيذائكم لنا بالتكذيب والسخرية، وعلى الله وحده يتوكل المتوكلون في جميع أمورهم.
13 – وقال الذين كفروا من أقوام الرسل لمَّا عجزوا عن مُحَاجّة رسلهم: لنخرجنكم من قريتنا، أو لترجعن عن دينكم إلى ديننا، فأوحى الله إلى الرسل تثبيتًا لهم: لنهلكنّ الظالمين الذين كفروا بالله وبرسله.
14 – ولنسكننكم – أيها الرسل ومن تبعكم – الأرض من بعد إهلاكهم، ذلك المذكور من إهلاك الكفار المكذبين، وإسكان رسلهم والمؤمنين الأرض من بعد إهلاكهم هو لمن استحضر عظمتي ومراقبتي له، وخاف إنذاري له بالعذاب.
15 – وطلب الرسلُ من ربِّهم أن ينصرهم على أعدائهم، وخسر كل متكبر معاند للحق، لا يتبعه مع ظهوره له.
16 – من أمام هذا المتكبر يوم القيامة جهنم، فهي له بالمرصاد. ويُسْقَى فيها من قيح أصحاب النار الذي يسيل منهم، فلا يروي عطشه، فلا يزال يُعَذب بالعطش وغيره من صنوف العذاب.
17 – يتكلف شربه مرة بعد مرة لشدة مرارته وحرارته ونتنه، ولا يقدر على ابتلاعه، ويأتيه الموت من كل جهة من شدة ما يقاسيه من العذاب، وليس هو بميت فيستريح، بل يبقى حيًّا يعاني العذاب، ومن أمامه عذاب آخر شديد ينتظره.
18 – مثل ما يقدمه الكفار من أعمال البر كالصدقة والإحسان والرحمة بالضعيف، مثل رماد اشتدت به الرياح في يوم شديد هبوب الرياح، فحملته بقوة، وفرّقته في كل مكان حتى لم يبق له أثر، وهكذا أعمال الكفار عصف بها الكفر، فلم تنفع أصحابها يوم القيامة، ذلك العمل الذي لم يُؤَسَّس على الإيمان هو الضلال البعيد عن طريق الحق.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ
• أن الأنبياء والرسل بشرٌ من بني آدم، غير أن الله تعالى فضلهم بحمل الرسالة واصطفاهم لها من بين بني آدم.
• على الداعية الذي يريد التغيير أن يتوقع أن هناك صعوبات جَمَّة سوف تقابله، ومنها الطرد والنفي والإيذاء القولي والفعلي.
• أن الدعاة والصالحين موعودون بالنصر والاستخلاف في الأرض.
• بيان إبطال أعمال الكافرين الصالحة، وعدم اعتبارها بسبب كفرهم.