الآيات
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147) وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)
التفسير
146 – الذين آتيناهم الكتاب من علماء اليهود والنصارى؛ يعرفون أمر تحويل القبلة الَّذي هو من علامات نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم – عندهم، كما يعرفون أولاده. ويميزونهم من غيرهم، ومع ذلك فإن طائفة منهم ليكتمون الحق الَّذي جاء به، حسدًا من عند أنفسهم، يفعلون ذلك ويعلمون أنَّه الحق.
147 – هذا هو الحق من ربك فلا تكونن -أيها الرسول- من الشاكِّين في صحته.
148 – ولكل أمة من الأمم جهة يتجهون إليها حسية كانت أو معنوية، ومن ذلك اختلاف الأمم في قبلتهم وما شرع الله لهم، فلا يضر تنوع وجهاتهم إن كان بأمر الله وشرعه، فتسابقوا أنتم -أيها المؤمنون- إلى فعل الخيرات التي أُمرتم بفعلها، وسيجمعكم الله من أي مكان كنتم فيه يوم القيامة؛ ليجازيكم على عملكم، إن الله على كل شيء قدير، فلا يعجزه جمعكم ولا مجازاتكم.
149 – ومن أي مكان خرجتَ وأينما كنت -أيها النبي- أنت وأتباعك، وأردت الصلاة، فاستقبل جهة المسجد الحرام، فإنه الحق المُوحى به إليك من ربك , وما الله بغافل عما تعملون، بل هو مطلع عليه وسيجازيكم به.
150 – ومن أي مكان خرجت -أيها النبي- وأردت الصلاة، فاستقبل جهة المسجد الحرام، وبأي مكان كنتم -أيها المؤمنون- فاستقبلوا بوجهكم جهته إذا أردتم الصلاة؛ لئلا يكون للناس حجة يحتجون بها عليكم، إلا الذين ظلموا منهم، فإنهم سيبقون على عنادهم، ويحتجون عليكم بأوهى الحجج، فلا تخشوهم واخشوا ربكم وحده، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فإن الله قد شرع استقبال الكعبة من أجل أن يتم نعمته عليكم بتمييزكم عن سائر الأمم، ولأجل هدايتكم إلى أشرف قبلة للناس.
151 – كما أنعمنا عليكم نعمة أخرى؛ حيث أرسلنا إليكم رسولًا من أنفسكم، يقرأ عليكم آياتنا، ويطهركم بما يأمركم به من الفضائل والمعروف، وما ينهاكم عنه من الرذائل والمنكر، ويعلمكم القرآن والسُّنَّة، ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من أمور دينكم ودنياكم.
152 – فاذكروني بقلوبكم وجوارحكم؛ أذكركم بالثناء عليكم والحفظ لكم، فالجزاء من جنس العمل، واشكروا لي نعمي التي أنعمت بها عليكم، ولا تكفروني بجحودها، واستعمالها فيما حُرِّم عليكم.
153 – يا آيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة على القيام بطاعتي والتسليم لأمري، إن الله مع الصابرين يوفقهم ويعينهم.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ
• إطالة الحديث في شأن تحويل القبلة؛ لما فيه من الدلالة على نبوة محمد – صلى الله عليه وسلم -.
• ترك الجدال والاشتغالُ بالطاعات والمسارعة إلى الله أنفع للمؤمن عند ربه يوم القيامة.
• أن الأعمال الصالحة الموصلة إلى الله متنوعة ومتعددة، ولا بأس أن يختار المؤمن ما يميل إليه منها، ويناسب حاله.
• عظم شأن ذكر الله جلَّ وعلا حيث يكون ثوابه ذكر العبد في الملأ الأعلى.