نباتات تتنفس تحت الماء يمكن أن تكون مفتاحاً لتطوير محاصيل مقاومة للفياضانات
يفحص الباحثون تكوين قنوات الهواء في نباتات الأراضي الرطبة، وهي سمة وقائية تجعلها مرنة في مواجهة الضغوط البيئية. تتمتع نباتات الأراضي الرطبة بقدرة عالية على تحمل الفيضانات بسبب تكوين قنوات البرنشيمة الهوائية الانحلالية (Lysigenous aerenchyma) التي تساعد على نقل الغازات إلى الجذور المغمورة.
مقدمة
تساعد هذه القنوات النبات أيضًا على تحمل الجفاف ونقص المغذيات. ولهذا، يبحث علماء من اليابان في الآلية الأساسية لتكوين النسيج الهوائي أو البرنشيمة الهوائية (Aerenchyma) لفهم الظاهرة بشكل أفضل، وفتح الأبواب أمام تطوير محاصيل قادرة على مقاومة التغيرات المناخية القاسية.
النسيج الهوائي أو البرنشيمة الهوائية هو نسيج برانشيمي في النباتات ذو خلايا غير متراصة وذو فراغات هوائية كبيرة، وتمتلك زنابق الماء والكثير من النباتات نسيجاً هوائياً كبيراً، ويمكن أن ينتقل الأكسجين من الأجزاء النباتية الموجودة فوق سطح الماء إلى المناطق السُفلى من خلال مرورها بالنسيج الهوائي. (نباتات تتنفس تحت الماء)
النسيج الهوائي أو البرنشيمة الهوائية الجذرية في نباتات الأراضي الرطبة
يمكننا تقليل الخسائر العالمية في إنتاج المحاصيل بشكل كبير
أجرى الباحثان تاكاكي ياماوتشي (Takaki Yamauchi) وميكيو ناكازونو (Mikio Nakazono) من جامعة ناغويا (Nagoya) باليابان مسحًا للأدبيات العلمية حول هذا الموضوع للحصول على نظرة عامة ملموسة للعوامل المختلفة التي ينطوي عليها تكوين خلايا البرنشيمة الهوائية. (نباتات تتنفس تحت الماء)
من المعروف أن الفيضانات والجفاف هي الكوارث البيئية الرئيسية المسؤولة عن معظم تلف المحاصيل. ويمكن أن يساعد تكوين المحاصيل في التغلب على هذه الضغوط البيئية. ومع ذلك، لا يتم ملاحظة نسيج البرنشيمة الهوائية بشكل شائع في الأنواع غير الرطبة مثل القمح والذرة، والتي تعد محاصيل غذائية أساسية في مناطق معينة من العالم.
يقول الدكتور ناكازونو: “إذا تمكنا من التحكم جينيًا في توقيت وكمية تكوين قنوات الهواء البرنشيمية الهوائية الانحلالية في جذور جميع المحاصيل المهمة من الناحية الزراعية، مثل الذرة والقمح وفول الصويا، فيمكننا تقليل الخسائر العالمية في إنتاج المحاصيل بشكل كبير”.
التنفس عن طريق نقل الغازات إلى الجذور المغمورة
أثناء الفيضان، تنقطع الجذور عن الأكسجين والغازات الحيوية الأخرى اللازمة للبقاء على قيد الحياة. وللتغلب على ذلك، ينشئ النبات ممرات هوائية تربط المناطق المغمورة بالنبات بالأجزاء الموجودة فوق سطح الماء. (نباتات تتنفس تحت الماء)
وعلى غرار الغطس، تساعد هذه المسارات النبات على “التنفس” عن طريق نقل الغازات إلى الجذور المغمورة. علاوة على ذلك، تقلل قنوات الهواء من متطلبات الطاقة لعملية التنفس ويمكن أن تساعد النبات في الحفاظ على الطاقة أثناء الظروف القاسية للجفاف أو نقص المغذيات.
آلية جزيئية
وجد الباحثون أن “الأوكسين”، وهو نوع من الهرمونات النباتية، ضروري لتكوين خلايا البرنشيمة الهوائية أثناء نمو الجذور الطبيعي، وحددوا عاملين يؤديان إلى تحريض تكوين خلايا البرنشيمة الهوائية استجابة للفيضانات.
في ظل الظروف الهوائية جيدة التصريف، تنظم نباتات الأراضي الرطبة الهوائية إشارات “أوكسين” موت الخلايا المبرمج أثناء تكوين خلايا البرنشيمة الهوائية التأسيسية في جذور نبات الأراضي الرطبة. (نباتات تتنفس تحت الماء)
وفي ظل ظروف الفيضان (انخفاض الأكسجين)، يزداد إنتاج الإيثيلين ثم يحفز الإيثيلين توليد أنواع الأكسجين التفاعلي(ROS)، علاوة على ذلك، تحفز أيونات الكالسيوم (Ca2 +) العصارية الخلوية موت الخلايا المبرمج بوساطة الأكسجين التفاعلي.
البرنشيمة الهوائية ترتبط في الغالب بالنباتات التي تكيفت مع التربة ذات المحتوى المائي العالي
تبدأ هذه الظاهرة عندما تغمر الجذور تحت الماء في ظروف هوائية. وتتسبب القيود المفروضة على تبادل الغازات في تراكم الإيثيلين في الجذور، مما يشجع على إنتاج إنزيم أوكسيديز الهَبَّة التَنَفُّسِيَّة المتماثل (RBOH)، وهو إنزيم مسؤول عن إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية(ROS) ، والذي يؤدي إطلاقها إلى موت الخلايا في الأنسجة، وتشكيل تجاويف لمرور الغازات.
يمكن أيضًا تنشيط إنزيم أوكسيديز الهَبَّة التَنَفُّسِيَّة المتماثل (RBOH) من خلال وجود أيونات الكالسيوم (Ca2+) التي يتم نقلها من أبوبلاست المسارات المائية.
في حين أن البرنشيمة الهوائية ترتبط في الغالب بالنباتات التي تكيفت مع التربة ذات المحتوى المائي العالي، إلا أنها يمكن أن تتطور أيضًا في نباتات المرتفعات تحت الجفاف ونقص المغذيات. (نباتات تتنفس تحت الماء)
تم العثور على تركيزات منخفضة من النيتروجين والفوسفور، والعناصر الغذائية الأساسية اللازمة لنمو النبات لزيادة حساسية الإيثيلين، وتحفيز تكوين البرنشيمة الهوائية. علاوة على ذلك، كان الإيثيلين أيضًا عاملاً شائعًا في تحفيز التنفس الصناعي في الذرة، مما يوفر طريقة لتحسين مرونة المحصول.
نموذج لعمليات التأشير الخلوي لتكوين خلايا البرنشيمة الهوائية في نباتات الأراضي الرطبة
خاتمة
يتكهن الدكتور ياماوتشي بأن “الزيادة في حساسية الإيثيلين يمكن أن تكون استراتيجية فعالة لتحفيز تكوين البرنشيمة الهوائية”.
ومع ذلك، لا تزال الآلية الكامنة وراء تكوين الخلايا البرنشيمية الهوائية غير مؤكدة، مما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من البحث، ولكن نتائج هذه الدراسة تفتح إمكانية تحسين مرونة المحاصيل وتمهيد الطريق لتحسين الأمن الغذائي في أعقاب تغير المناخ.
المصادر
https://doi.org/10.1016/j.tplants.2021.10.012
https://www.nagoya-u.ac.jp/researchinfo/result-en/2022/02/20220204-01.html
***
كاتب المقال
_____________________________________________
د. طارق قابيل
أكاديمي، كاتب، ومترجم، ومحرر علمي
– متخصص في الوراثة الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية
– عضو هيئة التدريس – قسم النبات والميكروبيولوجي – كلية العلوم – جامعة القاهرة
– زميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا (ASRT Fellow) وعضو لجنة الثقافة والمعرفة بالمجالس العلمية المتخصصة، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– عضو لجنة دعم البحوث الأساسية Science Up بمكتب التقييم الفني والمتابعة وتقييم الأداء التابع لرئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
– عضو اللجنة العلمية بمركز التراث العلمي، جامعة القاهرة.
البريد الإلكتروني: tkapiel@sci.cu.edu.eg
صفحة الكاتب على موقع جامعة القاهرة: http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
طالع أيضاً: فطريات الغابة السرية تتعاون مع النباتات وتساعد المناخ