مراجعة الأدبيات السابقة (Literature Review)
أولاً: تعريف مراجعة الدراسات السابقة.
تستعرض مراجعة الدراسات السابقة المقالات العلمية والكتب والمصادر، وغيرها من الأعمال الأدبية ذات الصلة بقضية معينة أو مجال بحثي أو نظرية ما، وبذلك توفر وصفًا ملخصاً وتقييماً نقديًا لهذه الأعمال. يتم تصميم مراجعة الأدبيات داخل البحث، بهدف توفير نظرة عامة عن المصادر التي قام الباحث باستعراضها ومراجعتها أثناء دراسته لموضوع معين، وذلك ليوضح للقراء كيف أن بحثه يتناسب مع مجال الدراسة العام.
ثانياً: الأهمية، والغرض من مراجعة الدراسات السابقة
قد تتكون مراجعة الأدبيات من ملخص بسيط للمصادر الرئيسية، وعادة ما يكون لها نمط تنظيمي يجمع بين التلخيص والتنسيق أو التوليف، وغالبًا ما يكون ذلك داخل إطار فئات مفاهيمية محددة، أما التلخيص فيكون موجزاً عن المعلومات المهمة للمصادر، ويكون التنسيق أو التوليف عبارة عن إعادة تنظيم لتلك المعلومات بشكل يتناسب مع تنسيق الدراسة الكلي، وبطريقة توضح كيف ساهمت تلك الأدبيات في صقل مشكلة البحث.
الميزات التحليلية لفصل مراجعة الدراسات السابقة
- تعطي تفسيراً جديداً للأعمال القديمة أو تدمج ذلك التفسير الجديد بالتفسيرات القديمة لتلك الأعمال.
- توفر للباحث فرصة متابعة تسلسل التقدم الفكري في مجال بحثه، بما في ذلك المناقشات الرئيسية التي جرت في ذلك المجال.
- تعطي للقارئ فرصة تقييم المصادر والحكم في أي من تلك المصادر هي الأكثر صلة بالدراسة الحالية.
- بعد ختام مراجعة الأدبيات، يستطيع الباحث تحديد أماكن الثغرات التي وقع فيها الباحثين السابقين في نفس المجال، وبذلك يستطيع تفاديها.
الغرض من مراجعة الدراسات السابقة
- وضع كل جزئية من الدراسة في سياقها الصحيح بحيث تساهم في فهم مشكلة البحث قيد الدراسة.
- تقدم وصفاً لعلاقة كل عمل بغيره من الأعمال، كما تصف علاقة البحث قيد الدراسة، بالأبحاث السابقة.
- تظهر طرقاً جديدة للتفسير والتحليل، وتلقي الضوء على الثغرات في البحوث السابقة.
- توضيح الالتباس والتناقض في الدراسات السابقة.
- تحدد مجالات المعرفة المكتشفة سلفاً، وذلك منعاً لازدواجية الجهد (تمنع دراسة نفس الموضوع مرتين).
- توضح لماذا كانت الحاجة لدراسة إضافية في نفس المجال (أي أنها توضح الفجوات المعرفية في مجال الدراسة المعين، وترشد إلى طريق سدها).
- تساعد الباحث في تحديد الموقع العلمي لدراسته مقارنةً بمن سبقوه وقدموا دراسات في نفس المجال.
ثالثاً: أنواع مراجعة الدراسات السابقة.
من المهم أن يفكر الباحث في مجال معرفي معين على أنه متكون من ثلاث طبقات: الطبقة الأولى: الدراسات الأولية التي أجراها الباحثون ونشروها. الطبقة الثانية: المراجعات الأدبية لتلك الدراسات، التي تلخص وتقدم تفسيرات جديدة مبنية على الدراسات الجديدة التي غالباً ما تتجاوز الدراسات الأصلية. الطبقة الثالثة: التصورات والاستنتاجات والآراء والتفسيرات التي يتم مشاركتها بشكل غير رسمي وتصبح فيما بعد جزءاً من المجال المعرفي. عند البدء بفصل مراجعة الأدبيات، غالباً ما يتم الاستشهاد بهذه الطبقة الثالثة من المعرفة على أنها حقيقية وأصيلة على الرغم بعلاقتها الهشة بالطبقة الأولي والثانية، وفي حين أن كل مراجعات الأدبيات مصممة لتوفير نظرة عامة وتوليفية على المصادر ذات الصلة التي راجعها الباحث، إلا أن هناك عدد من الأساليب التي يمكنك اتباعها في صياغة مراجعة الأدبيات، اعتمادًا على نوع التحليل (المنهج) الذي تقوم عليه دراسته.
- المراجعة الجدلية
يدرس هذا النوع الأدبيات بشكل انتقائي بهدف دعم أو دحض حجة أو فرضية ضمنية بعمق، أو يناقش مشكلة فلسفية موجودة في تلك الأدبيات، والغرض من ذلك هو تطوير مجموعة من الأدبيات التي تحدد وجهات نظر متباينة.
- المراجعة التكاملية
تعتبر شكلاً من أشكال المراجعات التي تقوم بمراجعة وانتقاد وتوليف الأدبيات التمثيلية حول موضوع ما بطريقة متكاملة بحيث يتم إنشاء أطر ووجهات نظر جديدة حول الموضوع، بحيث تتضمن جميع الدراسات التي تناولت الفرضيات ذات الصلة أو المتطابقة. تستوفي المراجعة التكاملية المتقنة المعايير ذاتها التي تستوفيها البحوث الأولية فيما يتعلق بالوضوح والدقة والتكرار.
- المراجعة التاريخية
تركز المراجعات التاريخية على فحص البحث على مدار فترة زمنية، غالبًا ما تبدأ من المرة الأولى التي ظهرت فيها قضية أو مفهوم أو نظرية أو ظاهرة في الأعمال البحثية، ثم تتبع تطورها داخل إطار المعرفة. الغرض من ذلك هو وضع البحوث في سياق تاريخي لإظهار الإلمام بالتطورات الحديثة وتحديد الاتجاهات المحتملة للبحث في المستقبل.
- المراجعة المنهجية
لا تركز هذه المراجعة دائمًا على ما قاله شخص ما (المحتوى)، ولكن كيف قالها (طريقة التحليل). يوفر هذا النهج إطارًا للفهم على مستويات مختلفة (النظرية ، المستوى المفاهيمي، وأساليب البحث، وجمع البيانات وتحليلها) ، مما يمكّن الباحثين من الاستفادة من مجموعة واسعة من المعرفة تتراوح من المستوى المفاهيمي إلى الوثائق العملية لاستخدامها في العمل الميداني، ويساعد هذا النوع من المراجعات على تسليط الضوء على العديد من القضايا الأخلاقية التي يجب أن نكون على دراية بها ونأخذها في الاعتبار أثناء دراستنا.
- المراجعة النظامية
يتكون هذا النموذج من نظرة عامة على الأدلة الموجودة ذات الصلة بسؤال بحثي تم إعداده بوضوح ، والذي يستخدم طرقًا معينة ومحددة مسبقًا لتحديد البحوث ذات الصلة وتقييمها بشكل نقدي ، وجمع البيانات من الدراسات التي تم تضمينها في التقرير وتحليلها، وعادةً ما يركز على سؤال تجريبي محدد للغاية، غالبًا ما يتم طرحه في شكل سبب وتأثير ، مثل “إلى أي مدى تساهم A في B؟”
- المراجعة النظرية
الغرض من هذا النموذج هو دراسة مجموعة النظريات التي تراكمت حول قضية أو مفهوم أو نظرية أو ظاهرة ما، كما تساعد مراجعة الأدبيات النظرية في تحديد النظريات الموجودة سلفاً، والعلاقات بينها، وإلى أي مدى تم التأكد منها، وتطوير فرضيات جديدة ليتم التأكد منها هي الأخرى لتصبح نظريات فيما بعد، غالبًا ما يتم استخدام هذا النموذج للمساعدة في إثبات عدم وجود نظريات مناسبة للموضوع قيد الدراسة، أو الكشف عن أن النظريات الحالية التي لم تستوفي كل جوانب المشكلات البحثية الجديدة، أو الناشئة.
رابعاً: هيكلية، وطريقة كتابة مراجعة الدراسات السابقة
يجب أن تتضمن الهيكلية ما يلي:
- نظرة عامة على الموضوع أو القضية أو النظرية قيد الدراسة، وأيضاً نظرة على الهدف من مراجعة الأدبيات للموضوع المحدد.
- تصنيف للأعمال قيد المراجعة، حسب الموضوعات على شكل فئات (مثل الأعمال التي تدعم موقفًا معينًا ، والتي تعارضه، والباحثون الذين يتبنون كلاً من الأعمال الداعمة والمعارضة، وأدلتهم).
- شرح لماهية كل عمل وكيف يختلف عن الأعمال الأخرى.
- الاستنتاجات المتعلقة بالأجزاء التي يمكن أخذها بعين الاعتبار نظراً لرجاحة حجتها، والتي تقدم مساهمة أكبر في فهم وتطوير مجال البحث الخاص بتلك الأجزاء.
يجب أن يكون التقييم النقدي لكل دراسة سابقة، حسب المعايير التالية:
- المصدر (الأصل): ما هي أوراق اعتماد الباحث؟ هل حجج الباحث مدعومة بالأدلة (على سبيل المثال ، المواد التاريخية الأولية ، دراسات الحالة، الإحصائيات ، النتائج العلمية الحديثة)؟
- الموضوعية (النزاهة): هل وجهة نظر الباحث عادلة أم متحيزة؟ هل البيانات المخالفة لوجهة نظر الباحث تؤخذ بعين الاعتبار أم يتم تجاهلها انتصاراً لوجهة نظره؟
- معيار الإقناع: أي من أطروحات الباحث الأكثر / الأقل إقناعًا؟
- معيار القيمة: هل حجج الباحث واستنتاجاته ذات قيمة؟ هل يسهم العمل في النهاية بأي طريقة كانت في فهم الموضوع والإضافة فيه؟
تطوير مراجعة الدراسات السابقة
يتم تطوير المراجعات الأدبية على أربعة مراحل:
- صياغة المشكلة (في ذهن الباحث): ما هو الموضوع أو الحقل الذي سوف تتم دراسته وما هي مكوناته؟
- البحث في الأدبيات (الدراسات السابقة):العثور على المواد ذات الصلة بالموضوع الذي يتم استكشافه.
- تقييم البيانات (التي تم اختيارها كمعلومات ذات صلة ومساهمة في موضوع البحث الحالي): أي تحديد الأدب الذي يقدم مساهمة كبيرة في فهم الموضوع.
- التحليل والتفسير: مناقشة نتائج واستنتاجات الأدبيات ذات الصلة.
أمور يجب الانتباه لها قبل كتابة مراجعة الدراسات السابقة
- الوضوح
إذا لم تكن عملياتك واضحة ومحددة للغاية حول الشكل الذي يجب أن تتخذه مراجعة الأدب، فاطلب توضيحًا من أستاذك بطرح هذه الأسئلة:
- كم عدد المصادر التي يجب تضمينها؟
- ما أنواع المصادر التي يجب أن أراجعها (الكتب ، المقالات الصحفية ، المواقع الإلكترونية)؟
ج. هل يجب علي تلخيص المصادر أو تجميعها أو نقدها من خلال مناقشة موضوع أو مشكلة شبه مشتركة مع باحث آخر؟ د. هل يجب علي تقييم المصادر؟ هـ. هل يجب علي تقديم عناوين فرعية ومعلومات أساسية أخرى، مثل التعريفات، والمفاهيم، وتأريخ المراجعة.
- البحث عن النماذج السابقة للمراجعات الأدبية
قم بمراجعة نماذج الأدبيات في دراسات الباحثين في تخصصك أو مجال اهتمامك، وكيف قاموا بتكوينها، كما عليك أن تقرأها جيداً لتعبد لك طريقك في البحث، تعتبر هذه الخطوة نقطة دخول ممتازة إلى البحث الخاص بك.
- تحديد الموضوع الذي تريد البحث فيه
كلما زاد تحديد موضوعك ، كلما كان من السهل تحديد عدد المصادر التي تحتاج إلى قراءتها للحصول على مراجعة جيدة للمصادر ذات الصلة، وبذلك ستجعل عملك أسهل إذا قمت أولاً بتحديد نطاق مشكلة البحث، كما يمكنك أيضًا مراجعة فهارس الكتب للعثور على مراجع لقضايا محددة يمكن أن تكون محوراً لبحثك. على سبيل المثال ، قد يتضمن كتاب يستعرض تاريخ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فصلاً حول الدور الذي لعبته مصر في التوسط في النزاع.
- التأكد من أن المصادر حديثة
تتطلب بعض التخصصات استخدام المعلومات الحديثة قدر الإمكان، وهذا شائع جدًا في التخصصات التي قد تكون فيها الأبحاث التي أجريت قبل عامين فقط بالية، كالتخصصات الطبية. ومع ذلك لابد من إجراء مسح لكل الدراسات القديمة في أي تخصص، وذلك لمعرفة كيف تغيرت المنظورات وتطورت المفاهيم على مر السنين أو خلال فترة زمنية معينة، كما يمكنك أيضًا استخدام هذه الطريقة (التتبع التاريخي للدراسات حول موضوع معين) للنظر في ما يعتبره العلماء “موضوعًا لامعاً” وما يعتبرونه موضوعاً عادياً.
المصادر
-
Thousand Oaks, CA: Sage Publications, 1998; Kennedy, Mary M. “Defining a Literature.” Educational Researcher 36 (April 2007): 139-147.
- Fink, Arlene. Conducting Research Literature Reviews: From the Internet to Paper. 2nd ed. Thousand Oaks, CA: Sage, 2005; Hart, Chris. Doing a Literature Review: Releasing the Social Science Research Imagination. Thousand Oaks, CA: Sage Publications, 1998; Jesson, Jill. Doing Your Literature Review: Traditional and Systematic Techniques. Los Angeles, CA: London : SAGE, 2011; Literature Review Handout. Online Writing Center. Liberty University; Literature Reviews. The Writing Center. University of North Carolina; Ridley, Diana. The Literature Review: A Step-by-Step Guide for Students. 2nd ed. Los Angeles, CA: SAGE, 2012; Randolph, Justus J. “A Guide to Writing the Dissertation Literature Review.” Practical Assessment, Research, and Evaluation. vol. 14, June 2009; Taylor, Dena. The Literature Review: A Few Tips On Conducting It. University College Writing Centre. University of Toronto; Writing a Literature Review. Academic Skills Centre. University of Canberra.
طالع أيضاً: كيف تكتب نتائج الدراسة؟