التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية
” إن الكتابة عملية سهلة. كل ما عليك القيام به هو: أن تحملق في قطعة فارغة من الورق حتى تبدأ الكلمات بالنزيف”
جيني فولر
نحديد التوجه الفكري
إن التفكير في إعداد جزء أو قطعة من الكتابة العلمية (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)، يمكن أن يخيف حتى أفضل الكتّاب. وعلى أية حال، فإن تهيئة الوجهة الذهنية، واتخاذ الاتجاه المناسب قد يجعل المهمة قابلة للتنفيذ. ربما من الأمور الأساسية التي ينبغي إدراكها في هذا الصدد هو: أن تتذكر أنك تكتب للتواصل مع الآخرين، وليس بهدف التأثير فيهم.
إن قارئي الأبحاث العلمية يتطلعون إلى معرفة ما قمت بعمله وما توصلت إليه، وما تفسيراتك له. وهم في الوقت نفسه لا يبحثون عن عمل علمي عظيم يحظى بالجدارة. فلو أنك قمت بتنفيذ بحث جيد، ثم عرضت له بوضوح، فإنك دون شك سوف تسعد القراء وترضي توقعاتهم. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
وفي الحقيقة – في الكتابة العلمية – يتعين على القراء أن ينتبهوا في المقام الأول للمحتوى وليس الشكل. ويتحتم عليك أن تدرك: أن هؤلاء الذين يقرأون عملك يريدون منك أن تؤدي عملك على الصورة المثلى، وتذكر أنهم ليسوا بمنأى عن معارضتك.
دور الناقد ومسؤولية الباحث
مما لا شك فيه.. أن تسلم محرري المجلات لبحوث جيدة يجعلهم يشعرون بالسعادة، والشيء نفسه بالنسبة للباحثين الذين يدرجون في قوائم المحكمين (مراجعون) للمعاونة في تحكيم عملك. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
وبطريقة مماثلة، فلو أنك كنت طالبًا، يريد أساتذتك أن تؤدي عملك على الوجه الأكمل. نعم، هؤلاء الأساتذة غالباً ما يقدمون انتقادات لاذعة، غير أنهم لا يفعلون ذلك لأنهم يكرهونك، ولكنهم يقومون بذلك لأنهم يريدون لعملك النجاح.
لذا لا ينبغي لكلمات النقد مهما كانت أن تحبطك أو تعطلك عن عملك، أو بالأحرى ينبغي أن تشعر بأنك محظوظ؛ لأنك سوف تتلقى التغذية الراجعة التي يمكن أن تساعد كتاباتك لتكون الأفضل.
الإعداد والتجهيز للكتابة العلمية
في المعمل يساعد التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية في تواصل إجراءات التجربة بسلاسة وفعالية. وتحدث كثير من الأمور المشابهة أثناء الكتابة العلمية. من خلال توخي الحذر أثناء الإعداد لتأليف المسودة يمكنك أن تجعل الكتابة أكثر سهولة وأقل عرضة للاضطرابات. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
وبالطبع في نظرتنا المجردة، ينبغي أن يشتمل التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية قراءة الكثير من الأدبيات التي تناقش مرحلة التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية. حيث أن الكتابة الجيدة هي من نوع من أنواع المحاكاة الفعالة من خلال الاطلاع على الأبحاث العلمية الرصينة في مجال بحثك ثم البدء في صناعة بحثك الخاص.
حاول أن تلاحظ الطريقة التي كتبت بها تلك الأبحاث. على سبيل المثال: كيف يتم تنظيمها ؟ وما الحجم التقريبي الذي ينبغي أن يكون عليه كل قسم من أقسامها؟ ما أنواع رؤوس الموضوعات الفرعية ؟ وما طبيعة المعلومات التي ينطوي عليها كل رأس في تلك الرؤوس؟ ما عدد الأشكال البيانية والجداول؟ وما طبيعتها ؟ وهل تتخذ هذه الأبحاث نمطًا واحدًا ؟
تعليمات من أجل كتابة ناجحة
تتطلب الكتابة الناجحة أيضًا اتباع التعليمات التالية:
تتميز كل مجلة علمية بإعداد تعليمات خاصة بها لتوجه الباحثين. على سبيل المثال: طالع التعليمات والإرشادات الخاصة بالمجلة العربية للعلوم ونشر الأبحاث: من هنا – أو من هنا.
إن اتباع مثل هذه التعليمات يخرج الكتابة من دائرة التخمين. ويبعدك عن القيام ببعض الأعمال غير الرصينة مثل: إعادة صياغة الورقة مرة أخرى؛ بسبب عدم توافقها مع السمات الخاصة للمجلة. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
إذا كانت التعليمات طويلة نوعًا ما فضع علامة على النقاط المفتاحية حتى تستطيع تذكرها. ويمكن أن تستبدل ذلك بإعادة صياغة هذه النقاط المفتاحية على ورقة ملونة حتى تستطيع العثور عليها بسهولة.
المزيد من الإيضاح
ولمزيد من الإيضاح – على سبيل المثال – هناك إرشادات خاصة بصياغة المصطلحات. وإرشادات خاصة بأنماط صياغة المراجع، وإرشادات خاصة بالنحو. ذلك أن التعليمات الموجهة للمؤلفين غالباً ما تدل القراء على النمط المعياري. ومزاولة صياغة المراجع الشائعة المستخدمة في المجالات العلمية مثل: نمط APA ونمط Chicago ونمط ACS وغيرها..
قد ترغب بمطالعة: توثيق المراجع Apa الاصدار السادس
تسهيل عملية الكتابة
حاول أن تعد كميات ضخمة من الكتابات الأولية. على سبيل المثال: كومة منتظمة من الأبحاث المطبوعة التي خططت للاستشهاد بها. قم بإعداد قائمة بالنقاط التي تتمنى تغطيتها في كل قسم.
ثم صنفها، ثم أعد تصنيفها إلى أن تشعر بالسعادة بالنظام الذي انتهت إليه الأمور. وربما كان إعداد الإطار العام الرسمي الذي يتم التوصل إليه بعد تفكير عميق وعمليات تبويب من العوامل التي تحد من الطاقة المستهلكة التي تتطلبها عملية كتابة البحث العلمي. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
وفي الواقع إن مثل هذه الكتابة الآولية (مرحلة التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية) يمكن أن تحفز عملية الكتابة حتى تجد نفسك متشوقًا لأن تكتب. وخلال التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية ضع في اعتبارك أنه أحيانًا ما يتعين تنقيح الأفكار. فإذا- على سبيل المثال – لم تستطع التوصل إلى طريقة فعّالة للبدء في كتابة البحث العلمي أو لتخطيط القسم خذ استراحة قصيرة لتفكر بحل مناسب.
الاضطلاع بالكتابة (مرحلة الكتابة الفعلية)
يعني الاضطلاع بالكتابة: تخصيص الوقت للقيام بفعل الكتابة. فمعظم الذين يقومون بهذا النشاط العلمي يعانون من الانشغال وضيق الوقت. فلو تعين علينا تأجيل الكتابة حتى نحصل على أوقات فسيحة، فلن نقوم بهذا النشاط مطلقاً.
ولهذا.. يتحتم علينا تخصيص الأوقات للقيام بالكتابة، عليك إذاً أن تحدد في تقويمك أو جدول أوقاتك الشخصي المواقيت التي يجب أن تخصصها للقيام بالمشروعات الكتابية، وباستثناء الأنشطة الطارئة، لا تدع المهام الأخرى تتداخل مع أوقات الكتابة.
كما أنه يتعين عليك تحديد المواعيد النهائية التي ينبغي أن تفرغ فيها من هذه المشروعات. على سبيل المثال، بحيث تقول: لن أغادر العمل لأحصل على إجازتي حتى أنُهي هذه الدراسة. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
آراء حول هذا الاتجاه
يدافع أحد الأساتذة كثيري الإنتاج عن الاتجاه أعلاه معلقاً: قم بتحديد جدولك الأسبوعي على قصاصة ورقية ساعة فساعة، ولاحظ الأوقات التي عادة ما تكون مشغولًا فيها مثل: الأوقات التي تمارس فيها نشاط التدريس، والأوقات التي تخصصها للمقابلات والاجتماعات وغيرها من التزامات.
ثم اختر من بين الأوقات المتبقية ما ترى أنه مناسب للاضطلاع بالكتابة ولكي تقوم بذلك خذ بعين الاعتبار: أي الأوقات خلال اليوم تبدو أكثر فعالية من غيرها للقيام بعملية الكتابة. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
وعند البدء في الكتابة، يمكنك البدء بأي جزء من النص تجده سهلاً، فليس من قاعدة تحتم عليك أن تبدأ بالمقدمة أولاً، ويفضل عديد من الباحثين البدء بتحرير قسم الإطار المنهجي، الذي غالباً ما يكون أكثر الأقسام استقامة وسلاسة.
من أين تكون البداية؟
في حين يفضل البعض البدء بالإطار النظري أو المنهجي، يفضل آخرون البدء بتحرير الإحصاءات والجداول. ويفضل البعض البدء بتحرير قائمة المراجع المبدئية أو حتى كلمات الشكر والإهداءات. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
وبمجرد الانتهاء من تحرير أحد الأقسام، فإن هذا يجعل كتابة الأقسام الأخرى أمرًا أيسر منالًا. حاول أن تشعر بأنك مجرد من أية قيود عند تحرير الأقسام المتبقية مما يجعلك قريباً من دراستك بشكل محبب.
وبمجرد الانتهاء من تحرير عدد من الأقسام، حاول ألا تبدد جهدك من خلال الإيقاف المتكرر لعملية الكتابة بحثاً عن تفاصيل دقيقة. والأفضل من ذلك – دون شك – تسجيل الملاحظات للبحث عن المعلومات المفقودة ولتحديدها بسهولة، قم بكتابة هذه الملاحظات ببنط طباعي مغاير للبنط المستخدم في المسودة.
تخطيط البحث العلمي
يفضل الكثيرون إجراء البحث العلمي من خلال تخطيط البحث العلمي طبقًا للاجراءات المتبعة في إيجاد الحلول للمشكلات، حتى يمكن إنجاز الهدف العام للبحث. وفي أثناء الكتابة غالباً ما يكون للمشكلات أكثر من حل منطقي واحد، بحيث يكون لكل منها ميزات وعيوب. وأحيانا ما ينزعج الكتّاب من وجود أسلوب وحيد صائب.
ما الصورة التي يجب أن يتخذها البحث؟ في أي شكل يجب أن تظهر الإيضاحات التي ينطوي عليها العمل؟ ما الأسلوب الذي يجب أن يتبع في تنظيم هذا الجزء من البحث؟ (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
غالبًا ما يكون لمثل هذه التساؤلات أكثر من إجابة جيدة واحدة. ومن ثم، اختر أحد الأساليب التي تبدو منطقية وقم بتنفيذها. وإذا وجدت أن كل ما توصلت إليه من أساليب غير مناسبة أو أن هناك حل أفضل طرأ على خاطرك، فلا تنزعج. حيث يمكنك إجراء التغييرات عند مراجعة المسودة.
مراجعة العمل
إن الكتابة الجيدة هي التي تحظى بالمراجعة المتأنية؛ فما من أحد يرى مسودتك المبدئية وما من أحد سوف يعبأ بكونها متوافقة مع معايير تحرير النصوص أم لا. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
فإن الشيء الأكثر أهمية هو مراجعة الكتابة؛ حتى تصبح على نحو متسق راجع كتابتك بنفسك أولاً، ثم اعرضها على الآخرين وحاول الإستفادة من تعليقاتهم، ثم قم بمراجعة كتابتك مرة أو مرات أخرى.
إن المراجعة ليست مقتصرة على الطلاب أو غيرهم من المبتدئين فعندما يوجه أحد محرري المجلات السؤال إلى باحث مشهور قائلًا له: هل قمت بمراجعة عملك؟ أجاب الباحث: “ألستُ محظوظاً فلم أراجعها سوى عشر مرات فحسب.”
أسئلة لابد من طرحها قبل المراجعة
حاول أثناء البدء بالمراجعة وقبلها أن تسأل نفسك الأسئلة الآتية: (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
- هل ينطوي البحث على جميع المعلومات التي ينبغي أن تشتمل عليها؟ وهل هناك فقرات غير لازمة؟
- هل جميع المعلومات صحيحة؟ وهل يوجد تماسك واتساق واضح؟
- هل يخضع كل شىء للتنظيم المنطقي؟ وهل يتم التعبير عن كل شىء بوضوح؟
- هل قمت بعرض نقاطك بإيجاز وبساطة وبشكل مباشر؟ بعبارة أخرى، كل شىء مركز؟
- هل يسير استخدام النحو والهجاء وعلامات الترقيم والكلمات على نحو جيد؟
- هل تم تصميم جميع الإحصاءات والأشكال والجداول على نحو جيد ؟
- هل تتوافق الدراسة أو المخطوطة مع تعليمات المجلة؟
لا تقلق من طلب المشورة
بمجرد أن تشعر أن دراستك أصبحت تقريبًا في أفضل صورة قم بعرضها على الآخرين، واسألهم معاونتك بالرأي السديد والمقترحات المفيدة ولسنوات طويلة كانت النصيحة الأفضل هي:
“اعرض دراستك على الزملاء، وعلى الأصدقاء خارج وسطك الأكاديمي..”
مع ذلك إنه من الأفضل أن تصاغ النصيحة على النحو التالي:
“اعرض دراستك على أحد الخبراء في مجال تخصصك البحثي حيث يمكنه معاونتك في تحديد المشكلات الفنية. أيضًا: اعرضها على شخص ما في مجالك البحثي العام والمتخصص الذي قد يلاحظ بعض النقاط التي قد لا تكون واضحة بالنسبة لك.
وكذلك: اعرض الدراسة على قارئ عام متمرس حيث يمكنه معاونتك في الوقوف على النقاط التي يفتقد إليها محتوى النص. حاول أيضًا أن تعرض مسودتك على محرر علمي محترف.”
ماذا بعد استلام الآراء الناقدة؟
بعد تسلم الرؤى النقدية من أولئك الذين راجعوا دراستك. فكر في طريقة تطبيق هذه الآراء. حاول بالطبع أن تتبع المقترحات التي يمكن أن تسفر عن تحولات جيدة في الدراسة، وحاول أن تعطي تلك المقترحات التي لم تقنعك فرصة أخرى، أو أن تضعها في الحسبان على أقل تقدير. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
قد تحذرك الرؤى الناقدة من وجود مشكلة ما. على سبيل المثال: لو أن القارئ شعر بعدم اتساق فكرة أو نقطة معينة، فإنه لزامًا عليك أن تحاول كتابتها مرة أخرى بأسلوب أكثر وضوحًا. وقد تكون مقارنة تعليقات القراء المختلفة مفيدة في هذا الصدد.
خاتمة
لو أن هناك قارئاً واحداً واجه صعوبة ما في نقطة محددة، يمكنك أن تعتبر ذلك أمراً عابراً، أو يمكن تجاوزه، أما إذا أقرِّ قراء عديدون بأن هناك خلل في نقطة ما، فمما لا شك فيه أن التعديل أصبح واجباً بل إلزامياً. (التجهيز لكتابة الأبحاث العلمية)
حاول أن تراجع الكتابة بتأنٍ ولكن تجنب أن تضطلع بالمراجعة إلى أجل غير مسمى، فليس هناك مخطوطة أو دراسة تخلو من بعض الأخطاء؛ ومع ذلك فلا ترض إلا بالتميز الكامل، ولسوف يسعد محررو المجلات العلمية بتسلمهم لدراسات جيدة من إعدادك، بعد أن تستجيب للنصائح والإرشادات المعروضة في هذه المقالة، والمقالات الأخرى في المدونة.
طالع أيضاً: كيفية نشر بحث في مجلة علمية